السبت، 9 فبراير 2013

هل قرأت عن الحضارة البابلية ؟

بسم الله الرحمن الرحيم




    يُوجد العديد من الحضارات التي ما زالت أسمائها مطبوعة في قلوبنا على الرغم من إندثارها قبل آلاف من السنين …فكل حضارة تعبر عن عادات وتقاليد شعوب مضت وما كانوا يفعلونه من إنجازات التي أعتبرت في أزمانهم عجائب لن ينساها أحد حتى نحن أيضا وفي عصرنا الحالي ولو تطور العالم وأصبحت هذه العجائب سوى حطاما الا أنها الركائز الأساسية لهذا التطور الذي توصل إليه الأنسان ولا يستطيع أحد نكرانه  فهي المادة الرخام التي صنعت المجد للإنسان الحديث و للإنسان في كل العصور  و قد واصل من خلالها طريقه لتحقيق ما كان مستحيل في يوم من الأيام …لذلك نتطرق اليوم الى أحدى هذه الحضارات التي شهدتها العالم على مر العصور من إزدهار وتألق لم يسبق له مثيل خلال فترة من فترات الزمان السحيق .



 الامبراطورية البابلية الأولى :

  بدأ هذا العصر عندما هاجمت قبائل أمورية بدوية الأراضي الممتدة بين الفرات ودجلة في الوقت الذي كانت المنازاعات مستمرة بين المدن البارزة فلم تكن هناك قوة كافية لردع تسربها الى بلاد الرافدين فأحتلت هذه القبائل مدن عديدة ومن هذه المدن مدينة بابل والتي كانت في ذلك الوقت مجرد محطة للقوافل التجارية . وبذلك كانت أول ومضات الحضارة البابلية على يد الأسرة الأمورية ممن يعود إليها الفضل في إعمار بابل وبدء إزدهار عصر جديد وكان أول من أسس أسرة حاكمة للشعب الجبلي الأموري حاكم بابلي ذي شأن وهو الملك سمو ابوم في القرن التاسع عشر ق.م …وقد سميت أمبراطوريتهم بالبابلية نسبة الى عاصمتهم بابل أي ((باب الأله) وأمتاز ملوك بابل عن ملوك المدن الأخرى على أنهم كانوا يطلقون على كل سنة من سنين حكمهم أسما يحمل ذكر أهم الأحداث التي حدثت في تلك السنة .



حمورابي1792_1750ق.م



تسلم حمورابي الحكم بعد وفاة والده (سين مبلط) الذي عمل جاهدا على تحقيق هدف والده والذي لم يستطع والده تحقيقه بسبب قوة أشور التي كانت بقيادة شمشي أدد وهو توحيد البلاد كلها بقيادته …فلذلك خلف أبيه بهذه المهمة فعمل هدنة مع شمشي أدد الذي تميز بقوته والتزم الصمت في بادئ الأمر ولكن بعد مماته أنهار توازن القائم في بلاد الرافدين ودخلت البلاد في صراع جديد بين المدن البارزة بعد أن أصبحت بابل مدينة محصنة مزدهرة وبلغت حدا من القوة وكان التنافس دائرا بين أربعة حكام أقوياء للحصول على زعامة بلاد الرافدين وهم ماري غربا , اشنونة شرقا ولارسا جنوبا وأخيرا بابل في الوسط وعلى الرغم من موقع بابل الضعيف الا أن حمورابي أستطاع أن يهزم خصومه واحدا تلو الاخر وربح الجولة الأخيرة عن طريق زرع الفتن بينهم مستعينا بالواحد منهم ليقهر الأخر فقد كان معروفا بصبره وعناده وحذره الذي يشتاحه بشيء من الخبث فصاحبه اليوم قد يكون ضحيته التالية غدا وهكذا أستقرت بابل على العرش دولة كبيرة جديدة بعد خمسة وعشرين سنة من العمل المثابر.

عرف عصر حمورابي بالعصر الذهبي والذي لم يشهد له مثيل في تاريخ بابل الطويل . حيث صار بأماكنها أن تمارس سيادة سياسية لا منازع لها فيها بعد أن أمتدت مملكته حتى خابور الى حوض البليخ وشملت نهر ديالى ووادي دجلة الأعلى. وقد أستحل أسم بابل محل أسم سومر وأكد وبتفوقها الثقافي ومكانتها الدينية التي أحتفظت بها طوال الف عام أضحت بعمرانها لؤلؤة الشرق العربي القديم . وهكذا نجح حمورابي في فرض وحدة الرافدين فبدأ بلارسا فأشنونة ثم ماري وأخيرا أشور ولكنه لم يكتفي بذلك بل عمل على توحيد الوحدة التشريعية القانونية حيث أتصف نظام حكمه بالحكم المطلق الذي يتوخى العدالة في ظل قانون ( أنا حمورابي الأمير الأعلى , عابد الألهة , لكي أنشر العدالة في العالم , وأقضي على الأشرار الأثمين, وأمنع الأقوياء أن يظلموا الضعفاء , وأنشر النور في الأرض , وأرعى مصالح الخلق )) والذي سار على نهجه جميع ملوك بابل تقريبا.
شرائــــــــع حمورابي

قد أصدر عدد هائل من الشرائع التي سميت بأسمه وبلغت مئتين وأثنين وخمسين مادة نقشت على مسلة من حجر الدويريت الأسود وفي أعلاها نحت يمثل الملك البابلي يتلقى السلطة الملكية والشريعة من الإله الشمس(شمش) وأستغفر الله وهي مسلة حمورابي الشهيرة الموجودة الأن بمتحف اللوفر في باريس . ومن أحد مواده المادة 229 التي تقول (اذا بنى مهندسا بيتا لأحد الأشخاص , ولم يكن بناؤه متينا فأنهار البيت , وسبب قتل من فيه يعاقب المهندس بالموت) وهناك عقوبات رادعة أعتمدت مبدأ (( العين بالعين والسن وبالسن)) منها اذا كسر أنسان لرجل شريف سنا او فقأ له عينه أو أي شيء اخر حل به نفس الأذى الذي سببه له, وعلى الرغم من أن شريعة حمورابي كانت قاسية في العقوبات ولكنها بقيت مدة خمسة عشر قرنا كاملة محتفظة بجوهرها .


المجتمع البابلي في عهد حمورابي كان مكون من ثلاث طبقات :


الطبقة الراقية ((الأستقراطية)) والتي عرفت بأسم لاميلو الذين لهم سيادة المجتمع



الطبقة العامة ((الموشكينو)) أي المساكين هم الأفراد الفقراء من الأحرار الذين عملوا بجميع المهن ولكنهم أفتقروا لكل الحقوق التي كانت تمتع بها الطبقة الأرستقراطية .

طبقة الرقيق ((واردوم)) وهم الذين ولدو بالرق وأسرى الحرب فكانت لهم بعض الحقوق فقد كان بأمكانهم التملك وأدارة بعض الأعمال الخاصة بهم وأقتراض المال وحتى أنهم كانوا يستطيعون شراء أنفسهم وكأن بأماكن النساء الحرائر التملك ولهن حقوق شرعية أخرى وقد عرف أن الأباء عادة هم من يختارون الأزواج لبناتهم . والمضحك بالامر أن طبقة الرقيق لها حقوق أكثر مما لدي الطبقة العامة يا لسخرية القدر .


  وأخيرا سقطت هذه الأمبراطورية بعد ضعف حكم الحكام الذين فقدوا معظم نفوذ المنطقة بعد موت حمورابي مباشرة ولكنها ظلت قوة سياسية وثقافية مهمة ولكن حكامها لم يحاولوا توسيع سلطانها بعد موت حمورابي وبسبب المشاكل الداخلية للدولة أدى الى أحتلالها من قبل الأشوريين .





 الامبراطورية البابلية الثانية :

    بعد احتلال الآشوريين للدولة لم يتمكنوا من تهدئة الكلدانيين الذين كانوا يقطنون المنطقة الساحلية للخليج الفارسي. ففي حوالي 630 أصبح نبوبلاصر ملكا على الكلدانيين. في 626، أخرج الآشوريين بالقوة من اوروك (الوركاء) وتوج نفسه ملكا على بابل. لقد ساهم في الحروب التي كانت تهدف الى تدمير الدولة الاشورية. وبنفس الوقت بدا باعادة تشغيل شبكة القنوات المائية المخربة في المدن البابلية وخاصة في مدينة بابل نفسها. ولقد حارب الملك الاشوري آشور اوباليت الثاني وثم حارب المصريين، قوبلت نجاحاته بسوء الحظ. مات نبوبلاصر في بابل عام  605 ق.م .


سمى نبو بلاصر ابنه الكبير بنبوخذ نصر تيمنا بالملك الشهير للسلالة الثانية لاسن، ودربه بعناية لتولي العرش وشاركه في تحمل المسؤوليات. فعندما مات الاب في 605 كان نبوخذنصر مع جيشه في سوريا؛ حيث كان قد سحق المصريين قرب كارجيميش في معركة دامية قاسية وطاردهم الى الجنوب. عاد نبوخذنصر فورتسلمه نبأ وفاة ابيه الى بابل. لا يذكر نبوخذنصر في كتاباته على العديد من الابنية، الا القليل عن حروبه الكثيرة؛ وكلها تنتهي بالصلوات. ان التسلسل البابلي للاحداث يمتد فقط للسنوات 605 – 594 ، ولا يعرف الكثير من مصادر اخرى عن السنوات الاخيرة لهذا الملك الشهير. كان يذهب غالبا الى سوريا وفلسطين، لطرد المصريين منها. في عام 604 احتل المدينة الفلسطينية أشكيلون. حاول في 601 دفع المصريين الى مصر ولكنه اجبر على الانسحاب بعد معركة دامية غير محسومة من اجل اعادة تنظيم جيشه في بابل. اثر بعض الحملات التاديبية الصغيرة ضد العرب في سوريا، هاجم فلسطين في نهاية 598. ثار جيهوياكيم ملك جودا مؤملا على دعم من مصر. وحسب تسلسل الاحداث التاريخي فقد احتلت القدس في 16 آذار 597. ومات الملك جيهوياكيم خلال الحصار، وتم سبي ابنه جيهوياجين مع 3000 من اليهود اسرى الى بابل. تمت معاملتهم بصورة جيدة حسب الوثائق. وعين زيدكيا ملكا جديدا. في عام 596 حين جاء الخطر من الشرق سار نبوخذنصر الى نهر دجلة مجبرا العدو على الانسحاب. بعد سحق الثورة في بابل بطريقة دموية جهز حملة اخرى الى الغرب.
ثارت جودا ثانية في 589 حسب العهد القديم، وتمت محاصرتها. سقطت المدينة في 587/586 ودمرت تماما. واخذ عدة آلاف من اليهود اسرى الى بابل، والحقت بلادهم كمقاطعة بالامبراطورية البابلية. ويذكر ان الاحتلال المصري كان سبب الثورة حيث تم التغلغل الى سيدون. وقام نبوخذنصر بمحاصرة تاير لمدة 13 عاما دون ان يتمكن من دخولها لعدم امتلاكه اسطولا بحريا. في 568/567 عاود مهاجمة مصردونما نصر يذكر ولكن توقف المصريون منذ ذلك الوقت من مهاجمة فلسطين. عاش نبوخذ نصر بسلام مع دولة ميديا طول فترة حكمه وتوسط بينها وبين ليديا في حربهم 590 – 585 . 

ملامح الإمبراطورية البابلية الثانية :
 
  امتدت الامبراطورية البابلية في عهد نبوخذ نصر الى الحدود المصرية. كان لديها نظاما اداريا جيدا. بالرغم من انه كان نبوخذنصر يفرض ضرائب وجزية عالية من اجل ادامة جيوشه والاستمرار في مشاريع البناء، جعل نبوخذنصر دولة بابل من اغنى الاراضي في غرب اسيا، في الوقت الذي كانت فيه فقيرة تحت الحكم الاشوري. كانت بابل اكبر مدن العالم المتحضر. استمر نبوخذنصر بادامة شبكة قنوات المياه و انشأ العديد من القنوات الثانوية جاعلا من الارض اكثر خصوبة مما هي عليه. وازدهرت التجارة في عهده.
لقد فاقت فعاليات نبوخذ نصر الانشائية كل فعاليات الملوك الاشوريين. لقد حصن جدران بابل المزدوجة مضيفا جدارا ثالثا خارج الجدار القديم. اضافة الى ذلك فقد اقام جدارا آخر، هو الجدار المدياني الى الشمال من المدينة بين نهري دجلة والفرات. حسب تقديرات الاغريق يمكن ان يكون هذا الجدار بارتفاع 100 قدم. ولقد وسع القصر القديم مضيفا العديد من الاجنحة، بحيث اصبح للدوائر المركزية للامبراطورية مئات الغرف وقاعات داخلية كبيرة. ولقد زينت الجدران بالبلاطات الملونة المزججة والمنحوتات نصف البارزة. واضيفت حدائق عرفت فيما بعد بجنائن بابل المعلقة. لا بد وان هذه المشاريع تطلبت مئات الالاف من العمال. وكانت المعابد غايات ذات اهتمام خاص، فلقد سخر نفسه اولا واخيرا لاكمال معبد اتيمينانكي "برج بابل". بدأ العمل بانشاء هذا المعبد في عهد نبوخذنصر الاول، حوالي 1110 . وكان كبناية اثرية لغاية حكم الملك الاشوري اسرحدون، والذي عاود البناء حوالي عام 680 لكنه لم يكمل. استطاع نبوخذنصر الثاني من اكمال البناء باكمله. يمكن العثور على الابعاد الحقيقية لمعبد اتيمينانكي في الواح اساكيلا والتي عرفت منذ القرن التاسع عشر. ابعاد القاعدة حوالي 300 قدما لكل جانب وبارتفاع 300 قدما ايضا. هناك خمس مدرجات على شكل ممرات تحيط بالمعبد، وان ارتفاع المعبد ككل كان ضعف بقية المعابد. ان الشارع العريض الذي كان يستخدم للمواكب كان يمر من الجهة الشرقية بالجدار الداخلي للمدينة متقاطعا مع باب عشتار الكبير والذي يعرف عالميا ببلاطاته الملونة ومنحوتاته نصف المجسمة. وبنى نبوخذنصر العديد من المعابد الصغيرة في شتى ارجاء البلاد .

 آخر ملوك البابليين :

آول مردوخ ( والمسمى مردوخ الشرير في العهد القديم 561 – 560) ،
   هو ابن نبوخذ نصر، لم يتمكن من نيل اسناد كهنة الاله مردوخ . لم يستمر حكمه طويلا، وسرعان ما ازيل. اما نسيبه وخلفه، نيركال شار اوشور ( والمسمى نركيلصر في المصادر القديمة؛ 559-556)، فقد كان قائدا عسكريا قاد حملة في 557 في اراضي السلجوقيين الوعرة والتي كانت تحت سيطرة الميدين. كانت قطعاته الارضيه يسندها الاسطول . اما ابنه الاصغر لاباشي مردوخ فقد اغتيل بعيد ذلك بقليل، على ادعاء انه لم يكن يصلح لمنصبه. آراميان نابونيدوس كان الملك التالي (نبو نايهه 556-539) من حران، احد اكثر الشخصيات ابهاما في العصر القديم. كانت امه "أداجوبه" ، كاهنة للاله سن في حران، جاءت الى بابل وتمكنت من تامين منصب مهم لابنها في القصر. ولقد كافأها اله القمر لطاعتها وتقواها بعمر مديد -- فلقد عاشت 103 سنوات – ودفنت في حران في 547 بكل حفاوة الملكة. ليس من المعروف اي الجهات المتنفذة تلك التي دعمت عرش نابونيدوس؛ قد تكون جهة مناوئة لكهنة مردوخ، والذي اصبح ذا سلطة عظيمة. غزا نابونيدوس سيليسيا في 555 وامن حصار حران، والتي كانت تحكم من قبل ميديا. ولقد وقع معاهدة دفاع مع الملك الميدي استياجيس ضد الفرس الذين اصبحوا خطرا متزايدا منذ 559 تحت حكم ملكهم سيروس الثاني. ولقد كرس جهده ايضا لتجديد العديد من المعابد، موليا اهتماما كبيرا بالكتابات القديمة. ولقد فضل الهه سين وكان له من بين كهنة الاله مردوخ اعداء اقوياء. لقد عثر من خلال الحفريات الحديثة على شضايا الواح فيها قصائد للدعاية كتبت ضد نابونيدوس واخرى معه.
ان المشاكل الداخلية والاقرار بان الشريط الضيق من الارض الممتد من الخليج الفارسي الى سوريا لا يمكن الدفاع عنه ضد هجوم رئيس من الشرق، دفع نابونيدوس الى ترك بابل في حدود 552 والعيش في تايما في شمال الجزيرة العربية. هناك قام بتنظيم مقاطعة عربية. اما ولي عهده في بابل فقد كان ابنه " بلشار اوسور"، "بلشصر" حسب كتاب دانيال في الانجيل. لقد حول سيروس هذا لصالحه بان ضم اليه ميديا في 550 . وبالمقابل تحالف نابونيدوس مع الملك الليدي كرويسوس من اجل محاربة سيروس. الا ان سيروس عند مهاجمته ليديا وضمها اليه في 546 لم يتمكن نابونيدوس من مساعدة كرويسوس. كان سيروس مستبشرا بالوقت. في عام 542 عاد نابونيدوس الى بابل حيث كان ابنه متمكنا من ادامة النظام في الامور الخارجية ولكنه لم يستطع من التغلب على المعارضة الداخلية المتزايدة ضد والده. ونتيجة لذلك، كانت حياة نابونيدوس العملية قصيرة بعد عودته، بالرغم من محاولته الحثيثة على كسب ود البابلين. وعين ابنته لتكون كاهنة للاله سن في اور، وبهذا عاد الى التقاليد الدينية السومرية-البابلية القديمة. كان كهنة مردوخ يتطلعون الى سيروس آملين اقامة علاقات معه افضل من تلك التي مع نابونيدوس؛ واعدين سيروس على تسليم بابل دون قتال ان هو منحهم حقوقهم بالمقابل. في عام 539 هاجم سيروس شمال الدولة البابلية بجيش كبير ملحقا بنابونيدوس الهزيمة، ودخل مدينة بابل دونما قتال. ولم تبد بقية المدن مقاومة ايضا. ولقد استسلم نابونيدوس واستلم مقاطعة صغيرة في شرق ايران. لقد خلطت المصادر بينه وبين سلفه العظيم نبوخذنصر الثاني. ويشير كتاب دانيال اليه في الانجيل نيبوخذريزار.
ان تقديم بالبل بسلام الى سيروس حماها من ان يكون مصيرها مصير الدولة الاشورية. فقد اصبحت مقاطعة تحت حكم التاج الفارسي ولكنها احتفظت باستقلالها الثقافي. حتى الجزء الغربي من بابل المؤلف من خليط عرقي فقد استسلم دون مقاومة.
لقد انهك البابليون في 620 من الحكم الاشوري. ولقد تعبوا ايضا من الصراعات الداخلية. لذا فلقد كان من السهل اقناعهم لتقديم الطاعة للملوك الكلدانيين. فكانت النتيجة اندماج اجتماعي واقتصادي سريعين بشكل مدهش، ومما ساعد على ذلك انه بعد سقوط الدولة الاشورية، لم يعد هناك خطر خارجي يهدد الدولة البابلية لما يزيد عن 60 عاما. كانت المعابد في المدن جزءا مهما من الاقتصاد، فكانت لها فوائد شاسعة تحت امرتها. واستعادت طبقة رجال الاعمال قوتها، ليس في مجال التجارة فحسب بل في ادارة الزراعة في المناطق الحضرية. لقد ازدهرت تربية الحيوانات ( الاغنام والماعز والابقار والخيول) اضافة الى مزارع الدواجن. ان زراعة الذرة والتمور والخضراوات قد ازدادت اهميتها. ولقد بذل الكثير لتحسين المواصلات، بشقيها البري والمائي مع المقاطعات الغربية للامبراطورية. لقد كان لسقوط الامبراطورية الاشورية نتائج منها ان العديد من الروافد التجارية كانت قد عادت لتصب في بابل. ومن نتائجه الاخرى ان بابل اصبحت مركزا عالميا. ان الكميه الهائلة من مواد التوثيق والمراسلات التي امكن انقاذها لم يجر تحليلها بعد. لم يجر تطوير نظام قانوني او اداري جديدين خلال هذه الفترة. ولقد تحولت اللهجة البابلية تدريجيا الى الارامية؛ كانت لا تزال تكتب مبدئيا على الالواح الطينية مضافا اليها حروفا ارامية. لم تصمد الوثائق المكتوبة على البردي او الجلود . على عكس التطور في الميادين الاخرى فليس هناك دلائل تشير الى ابداع فني. ماعدا بعض الكتابات الملكية، وخاصة نابونيدوس، والتي لا يمكن مقارنتها من وجهة النظر الادبية بتلك التي عند الاشوريين، فان الجهد الرئيس كان منصبا على اعادة كتابة النصوص القديمة. اما في مجال الفنون الجميلة، فان بعض التماثيل الصغيرة فقط هي التي تشير الى اتجاهات جديدة. 


المصادر : موسوعة المعرفة .  منتدى الإمارات العربية التعليمي





  

0 التعليقات:

إرسال تعليق